فيه التمسح بالأحجار رخصة، ألا ترى أنه لو غسل بالماء يكون أفضل بخلاف مسألتنا.
ولهذا يكره العدول في الرأس من المسح إلى الغسل، وإذا كان الأصل هناك هو الغسل، والمبالغة بالتكرار في الغسل مشروع، لأنه مبني على الاستقصاء، والتكرار نوع مبالغة فيليق أن يكون مشروعاً معه إلا أن الرخصة وردت في استعمال الحجر مكان الماء لنوع ضرورة وحاجة فبقى التكرار المشروع في أصل الغسل مشروعاً فيه بخلاف مسألتنا.
فإن المسح أصل في الوضوء بني على الخفة فيوفر عليه مقتضى الخفة من كل وجه.
قالوا: وأما التكميل المشروع في الوضوء فقد حصل في المسح بالاستيعاب، لأن التكميل في الغسل باستعمال طهور في محل الفرض، وقد وجد هذا المعنى في مسألتنا بالاستيعاب، لأن البلة على اليد طهور.
ألا ترى كيف يستوعب به الرأس، ويجوز وقد استعمالها في محل الفرض.
لأن جميع الرأس محل الفرض فصار هذا مثل استعملها ماء جديد في الوضوء ثانياً وثالثاً إلا أن هناك لابد من ماء جديد ليكون طهوراً، لأن الماء المنفصل على العضو مستعمل، والبلة على اليد لا يحصل به الغسل فصارت البلة هاهنا كالماء الجديد هناك، وصار مسح باقي الرأس هنا بمنزلة تضعيف غسل الوجه، لأن الفرض يستوعب الوجه فلم يمكن تكميله بالاستيعاب فعدل إلى التضعيف.
قالوا: ومن تأمل في هذا فقد عرف أن الصورتين استويا معنى واختلفا اسماً ولقباً ولا عبرة بالأسامي والألقاب من ذكر تكرار وتثليث وإنما العبرة بالمعاني.