من السنن المشروعة وتكثير الثواب لما يأتي من العبادة فيها وأمثال ذلك كلها باقية عليه في الشهر، فكيف يقال إنه ذهبت حرمتها في حقه وصار بمنزلة سائر الأيام التي هي خارج رمضان؟ وأيضاً فإن الكفارة واجب الجناية على الصوم لا واجب الجناية على الشهر، لأن عندنا الكفارة واجب وطء مفطر، وعندكم الواجب واجب الفطر على جهة مخصوصة، والفطر إنما يوجد بجناية على الصوم لا بجناية على الشهر إلا أنه يعتبر أن يكون الصوم في هذا الشهر ليلاقي زمان أدائه.
وقد قيل أيضاً: إن لكل يوم من رمضان حرمة على انفرادها فيما يرجع إلى الصوم والشهر جميعاً.
والدليل عليه: أنه لو لم يصم يوماً من رمضان أصلاً وجامع فيه أو جامع فيما دون الفرج وهو صائم، أو أكل حصاة أو نواة ثم صام من الغد وجامع فيه وجبت الكفارة وإن كان قد هتك حرمة الشهر بالفعل الأول فحين وجبت دل أنه إنما وجبت، لأن الحرمة لم تصر مهتوكة أو لأن لكل يوم حرمة على حدة فيما يرجع إلى الصوم والشهر جميعاً وهذا لا سؤال لهم عليه، فإذا ثبت وجوب الكفارة في اليوم الثاني حسب وجوبها في اليوم الأول وجب أداؤهما، لأن الوجوب يراد للأداء فإذا وجب وجب الأداء.
وأما حجتهم:
المعتمد، قالوا: نسلم الوجوب في اليوم الثاني مثل ما وجب في اليوم الأول لكن نقول: يتداخلان، ويكتفي بواجب واحد أداء مثل ما لو زنى ثم زنى فإنه يكتفي بحد واحد، لأن كل واحد منهما عقوبة تندرئ بالشبهات، ودليل أنها عقوبة تعلقها بالجناية، ودليل سقوطها بالشبهة ما ذكرنا في المسألة الأولى، وهذا لأن الواجب لما كان على جهة الزجر وهو محمول في الشرع على نوع من السقوط لا يوجد في غيره فالواجب الواحد زاجر كامل