فأما في الوضوء إنما يسقط إيصال الماء إليه إذا كانت لحيته كثيفة لأن الوضوء واجب متكرر، وفي إيصال الماء إليه نوع عسر ومشقة فسقط لدفع الحرج.
وأما الجنابة تندر فلم يشق إيصال الماء إليه فاعتبر كونه ظاهراً في أصل الخلقة فوجب إيصال الماء إليه، وهاهنا لا ظهور في أصل الخلقة فالتحق بسائر البواطن ولم ينظر فيه إلى التيسر في الحدثين؟
قلنا: أليس يسن إيصال الماء إليهما في الحدثين؟
قلنا: إنما يسقط الوجوب لأنهما باطنان في أصل الخلقة، ولما كانا يظهران للأبصار في بعض الأحوال يسن إيصال الماء إليهما فأخذ في صفة الواجبية بأغلب المعنيين وأرجحهما، وأخذ في صفة السنة التي أدنى الرتبتين بأدنى المعنيين وأضعفهما .... ولا انفصال لهم عن الوضوء بما ذكروه من خصوصه وعموم الغسل لأنه وإن كان خاصاً فهو عام في جميع الوجه وهذا من أجزاء الوجه ويدخل/ على العموم الذي اعتمدوا عليه، فصل غسل الميت والذي اعتذروا به ضعيف، لأنه ينافي أن يجب بقدر الممكن أو يجب في داخل الأنف، لأنه لا مشقة في إيصال الماء إليه، وأما فصل الطهارة من النجاسة وعلم أن الكلام إذا رجع إلى الاعتبار والتعلق بالمثال، وأولى المثالين الوضوء لتحلق به الجنابة لأنهما طهارتان عن حدث.
ولأن كل واحد طهارة حكمية غير معقول المعنى، والطهارة عن النجاسة طهارة حسية، والحكميات بعيد الشبه عن الحسيات، وإنما يعتبر في الحسي نفس الوصول إلى موضع تصل إليه اليد بدليل أصل الفم وداخل