لسنة أخرى كالنذر، لأنا قد ذكرنا أنه التزام كالنذر وعقد على الأداء كتحريمة الصلاة فمن حيث أنه التزام منفصل عن الأداء صح قبل الوجوب، ومن حيث أنه عقد على الأداء يتناول يصلح له كعقد الإجارة يتناول أول وقت يصلح له وأشبه نية الصوم فإنه إذا نوى بالليل أن يصوم يتناول أول اليوم الذي يليه ولا يتأدى بها صوم يوم آخر وإن صحت النية في غير وقت الأداء فلم يتناول نية اليوم الذي يليها، كذلك الإحرام يتناول الوقت الذي يليه، ولم يجز أن يستديم الإحرام ليؤدي الحج في سنة أخرى.
الجواب:
إنا قد دللنا على أن الإحرام أحد أفعال الحج ودعواه أنه شرط بعيد جداً بدليل ما قدمنا، وبدليل وجوب مباشرة أفعال الحج وتحريم تأخرها عن هذه السنة مباشرة شرط العبادة لا يوجب فعل العبادة بدليل الطهارة وستر العورة وهذا الدليل أيضاً وارد على قولهم:((إنه التزام))، لأنه لو كان كذلك لصار كالنذر ولو كان كالنذر وجب أن يحتاج إلى ابتداء المباشرة ثم يكون ذلك إلى اختياره.
وقولهم:((إنه عقد على الأداء)).
يقال لهم: على الأداء من حيث الشروع أو من حيث الالتزام؟ فإن قلتم: من حيث الشروع، جاء ما قلنا على ما سبق تقريره، وإن قلتم: من حيث الالتزام، فوجب أن يكون بمنزلة النذر ويكون حكمه على ما قدمنا.
وقولهم:((إنه يشبه هذا من وجه وهذا من وجه)).
قلنا: الشروع في مثل هذا الكلام علامة عجز المدعى عن تمشية ما ادعاه، ويقال: إذا كان التزاماً لا يكون شبه بالشروع وإذا كان شروعاً لا يكون له شبه بالالتزام، وأيضاً إذا كان الالتزام المحض يجوز قبل دخول