فثبت أن النيابة جائزة في الحج فنقول: عمل تجري فيه النيابة فيجوز الاستئجار عليه بالمال.
دليله: سائر الأعمال.
وأما حجتهم:
قالوا: عبادة بدنية فلا يجوز/ الاستئجار عليها.
دليله: الصوم والصلاة، وإنما قلنا إنها عبادة بدنية من الوقوف والطواف والسعي والرمي وغير ذلك.
قالوا: والفقه في ذلك: أن العبادات أوجبت على وجه الابتلاء للعباد، والابتلاء لا يوجد في العبادات البدنية إلا بإتعاب البدن، لأنه يظهر عند إتعاب البدن طواعية العبد لربه وانقياده لحكمه أو كراهية لذلك ونفوره عنه فيعرف الصادق من الكاذب والمطيع من العاصي والمخلص من المنافق ويتحقق الابتلاء والاختبار الذي أوجبت العبادات بوصفه.
وإذا ثبت هذا الأصل فنقول:
لا يوجد معنى الابتلاء إلا فيما يفعله العبد بنفسه ويتحمل تعبه بذاته وجسمه فأما عند أمره غيره بفعله واستنابته في ذلك من تسبينه فلا يتحقق معنى الابتلاء فيه بحال، وهذا لأن الابتلاء في التعب، ولا تعب في الأمر إنما التعب في الفعل.
قالوا: ولهذا لم تجز النيابة في الصلاة والصوم، وكذلك لم تجز النيابة في الحج عند القدرة على فعله، وأما الزكاة وسائر واجبات المال فالابتلاء فيها بتنقيص المال وذلك يوجد سواء فعله بنفسه أو فعله نائبه، ولهذا دخلتها النيابة مع قدرته على فعلها بنفسه.