وأما المخالف: صار إلى أن العمرة غير مؤقتة، لأنها تجوز في جميع السنة والحج مؤقت، والفرق بين النفل والفرض هذا فإن الفرض لا يكون إلا مؤقتاً، لأنه واجب علينا ولو قلنا وجب فعله وإذا لم يكن مؤقتاً، وقد خلق الله الناس العباد ليعبدوه وجب فعله في جميع الأوقات فيؤدي إلى أن يقع الناس في الحرج العظيم أو يؤدي إلى تكليف العاجز، لأن العباد يعجزون عن مباشرة العبادة في جميع الأوقات على العموم.
وأما النفل ففعله مفوض إلى اختيار العبد فإن الله وإن خلق الناس ليعبدوه وجعل النفل مشروعاً في عموم الأحوال والأوقات فلا يؤدي إلى الحرج ولا إلى تكليف العبد ما يعجز عنه فنظرنا إلى عموم الأوقات على ما دلت عليه الآية واعتبرنا ذلك وقلنا: لا يختص بوقت دون وقت.
قالوا: فإن قلتم: ((إن العمرة عندكم لا يجوز فعلها في خمسة أيام من السنة وهي يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق)).
قلنا: لا نقول إن فعلها لا يجوز لكن يكره ترجيحاً لأمر الحج على العمرة. لا شك أنه مرجح في الشرع، والأيام التي تعينت لفعله في الشرع كرهت العمرة فيها تقديماً للحج على العمرة.
وقد قالوا أيضاً: إن الحج سبب وجوبه البيت، وكذلك العمرة لو وجبت وجبت بالسبب الذي يجب به الحج فيؤدي إلى التنافي الواجب، وهذا لا يجوز كما لا يجب ظهران بوقت واحد وزكاتان بمال واحد وصومان بيوم واحد.