قلنا: أولاً هذا يبطل بالصحة، فإن صحة الحج أيضاً تفوت بأسباب بعد البلوغ، فقولوا إنها تفوت بسبب الصبا، وسؤالهم على هذا أن الصبا صار عذراً بطريق النظر ولا نظر في منع الصحة، فأما في منع اللزوم نظر حتى إذا تركه لا يجب عليه شيء، فلهذا لم تنتف الصحة وانتفى اللزوم، وهذا يدخل عليه الإسلام فإنه يقع لازماً وإن وجد من الصبي على أصلهم، ولا يقال: يصح نظراً ولا يلزم نظراً، بل قيل: لما صح على ما وضعه الشرع، كذلك الإحرام لما صح صح على ما وضعه الشرع من صفة الفريضة.
فإن قالوا: أليس إن الظهر يصح منه ومع ذلك لم يصح على ما وضعه الشرع من صفة الفرضية؟
قلنا: الصلاة تنقسم إلى لازم وغير لازم، فلم تكن غير لازم في حق الصبي ويجعل في حقه بمنزلة النوافل، وأما في الحج لما لم ينقسم في اللزوم وغير اللزوم، بل كان لازماً بكل حال، استوى وجوده من البالغ والصبي.
وجواب آخر:
إن اللزوم مع إمكان المضي لا يسقط بعذر ما، والصبي متمكن من المضي على إحرامه فوجب ألا يسقط اللزوم في حقه.
وخرج على هذا المحصر والعبد، لأنهما لا يقدران على المضي، وهذا لمكان المنع الحسي والآخر لمكان المنع الشرعي، وأما الصبي فقادر على المضي.
والمسألة معين في هذه الصورة والحج في هذه الصورة ولا يتصور سقوطها بعذر ما.