أما الأول: فلأن فيه البدار إلى فعل النسكين وقد قال تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ ...}، وقال تعالى في أعمال الخير:{وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ} ومعناه: إليها سابقون.
وفي الإفراد تأخير أحدهما وفعل الآخر.
والثاني: قالوا: إن العمرة تنزل من الحج منزلة نفل الصلاة من فرضها، ألا ترى أنها عبادة من جنس الحج شرع في عموم الأوقات مثل النفل عبادة من جنس الفرض شرع في عموم الأوقات، وإنما شرع كل واحد تكميلاً للحج في أحد الموضعين، وللصلاة في الموضع الآخر وتحسيناً لهما ثم صلاة الفرض بنفل يتقدمها يكون أفضل وأكمل، فكذلك الحج يعمره تتقدمه يكون أفضل وأكمل، وأيضاً فإن العمرة إذا كانت تحسن الحج وتزينه فيكون القران مشتملاً على زيارة في نفس الحج.
قالوا: وأما دعوى النقصان فلا معنى له، لأن الجمع بين العبادتين لا يوجب نقصاً في واحد من العبادتين كالجمع بين الصوم والاعتكاف والجمع بين الصوم والإحرام.
وأما قولهم:((إنه تضمن إسقاط أحد السفرتين)) فالسفر ليس بمقصود إنما هو شيء يتقدم ليتوصل به إلى مكان الحج، ألا ترى أن حج المكي وحج غير المكي في الكمال يكون واحداً وإن كان يوجد السفر لأحدهما دون الآخر.