قلنا: مسلم، لأنه وجب بالكتاب والسنة، ولا شك أن ذلك دليل مقطوع به لتواتره فيوجب العلم والعمل.
فأما قولهم:((إن كل فعل كان من الحج لم يتم الحج إلا به يجب أن يكون وجوبه بمثل هذا الدليل)).
قلنا: ليس كذلك، لأن وجوب الحج بالكتاب لم يكن، لأنه لا يجوز وجوبه إلا بالكتاب بل كان يجوز وجوبه بالخبر وإن كان واحداً، لأنه واجب عملي، وأجمعنا على أن خبر الواحد يوجب العمل إلا أنه كذلك وقع الاتفاق الشرعي بأن الله تعالى أوجبه بالكتاب، وإذا كان الأمر على ما ذكرنا جاز وجوبه فعل من أفعاله بدليل عملي لا يوجب العلم وألحق بسائر الأفعال في الركنية عملاً لا علماً وهو كالوتر على أصلكم ألحق بسائر الصلوات عملاً لا علماً، وهذا لأن الدليل يفيد الحكم بقدر مرتبته فإذا كان خبر الواحد يفيد الوجوب عملاً، ويجوز أن يكون هذا الفعل ركناً للحج عملاً صار ركناً عملياً من جهة أركان الحج، وسائر الأركان صارت أركاناً للحج علماً وعملاً وهو مثل واجبات الدين فبعضها واجبات الدين عملاً وعلماً وبعضها واجب عملاً لا علماً، كذلك ههنا.
وأما الذي قالوا:((إن السعي يفعل خارج الإحرام جملة)).
قلنا: هذا يلزمكم كما يلزمنا، لأنكم تعترفون بوجوبه إن لم تعترفوا بركنيته واللزوم في الواجب صحيح مثل ما هو في الركن، وعلى أن نقول: إن الإحرام بمنزلة الباقي حكماً في حق السعي مثل ما يجعل بمنزلة الباقي حكماً في الرمي وطواف الصدر.