وقالوا في الآية: إن معنى المثل هو القيمة، وهو مثل معنى وإن لم يكن مثلاً صورة.
قالوا: وقد تم معنى الآية بقوله: {فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ} وقوله: {مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ} ابتداء ومعناه أنه يحكم به عند اختيار من عليه الجزاء، وذلك بأن يشتري بالقيمة من النعم فيكون ذلك كفارة له أو يصرف إلى الطعام فيكون كفارة أو إلى الصيام فيكون كفارة، وعلى القيمة أولوا أقوال الصحابة على معنى أن القيمة الواجبة كانت مصروفة إلى هذه الأجزية.
الجواب:
إن جميع ما قالوه محض قياس، والكتاب وإجماع الصحابة مقدمان عليه، وقد بينا وجوه ذلك ولا مطمع في التأويل، لأن قوله تعالى:{فَجَزَاءٌ مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ}، يأتي التأويل بالتقويم، لأن التقويم بالنعم محال بالدنانير والدراهم.
وقولهم:((إن القيمة تكون مصروفة إلى النعم)).
يقال أولاً: هذا ليس بشيء حتم على أصلكم، فإن عندكم لو تصدق بالدراهم والدنانير التي هي القيمة جاز.
وأما عندنا فوجوب المثل حتم، وقد دلت الآية على الحتمية، لأن تقدير الآية فعل جزاء مثل ما قتل من النعم، ولأن عندكم يدخل النعم في هذا الجزاء عند اختيار من عليه ذلك وصرف القيمة إليه وهذه زيادات لا يدل عليها ظاهر الآية بوجه ما.