والدليل على التأثير أن نجاسة المحل لما كانت هي النجس الذي حله فلابد أن يكون زواله مخيلاً في إفادة الطهارة.
وقالوا: ولا يجوز أن يقال إن النجاسة إن زالت حقيقة بقيت حكماً، لأن الحكم مع الحقيقة، فإذا زالت حقيقة زالت حكمها، فمن قال بزوالها حقيقة وبقائها حكماً فعليه/ إقامة دليل قادح في ذلك وإلا فسد مجرد الدعوى. قالوا: وأما الذي قلتم إن الماء يتنجس بأول الملاقاة. قال: ليس كذلك، لأن الطهورية صفة ثابتة للماء في الأصل بالنص.
ومعنى قولنا: إنها صفة ثابتة له في الأصل بالنص، أنها ثابتة قبل الاستعمال والدليل على ثبوتها له قبل الاستعمال أنه يوصف بها قبل الاستعمال، ولو كانت صفة ضرورية لا صفة أصلية لم يوصف بها قبل الاستعمال كالحلية للميتة لما كانت صفة ضرورية لم يوصف بها قبل الأكل.
وقولكم ((إن المطهر للغير إنما يكون عند اتصاله بالغير)).
قال: هذا في الحسيات فأما الطهورية صفة حكمية فيجوز أن يوصف بها وإن لم يتصل بالغير، وإذا ثبت أن الطهورية صفة أصلية، وهي معللة بالإزالة بقيت هذه الصفة للماء عند الإزالة ليظهر عمله، وأعرض عن الامتزاج الحاصل ثم إذا انفصل عن الثوب حكم بنجاسة الغسل مثل ما يحكم للماء بالاستعمال عند الانفصال عن العضو، ولا يحكم له بذلك قبل الانفصال، كذلك هاهنا.