السبيلين بالسيلان عن رأس الجرح. لأن تحت كل جلد رطوبة سيالة، وفي كل عرق دم يظهر ذلك لنا وهو في محله بزوال البشرة عن جلده فلم يمكن مجرد الظهور عن باطنه خروجاً فإذا زال عن رأس الجرح فقد انتقل عن محله الذي كان باطناً فيه وصار خارجاً).
فأما قبل السيلان فهو في محله على ما كان، وأما في السبيلين فإن الخارج قد انتقل عن معدنه، لأنه لا يظهر على المخرج إلا بالانتقال عن مضوعه، وحد الخروج هو الانتقال وقد حصل فتعلق الحكم الشرعي بالخروج وعدمه إلا أن الخروج من السبيلين يكون بنفس الظهور، وفي غير السبيلين يكون بالسيلان عن رأس الجرح.
قالوا: وأما الدودة والحصان والولد الجاف إنما نقض الطهارة، لأن هذه الأشياء لا تخلو عن قليل بلة نجسة، وقد بينا أن خروج القليل من السبيل ينقض الوضوء.
قالوا: وأما إذا قاء ما دون ملء الفم إنما لا ينقض الطهارة، لأن الفم فيما بينه وبين الباطن باطن على ما ذكرنا من قبل، وفيما بينه وبين الظاهر ظاهر وملء الفم ما لا يمكنه ضبطه، وما دون ملء الفم ما يمكنه ضبطه. وللفم حكمان: فإذا لم يقو القيء على الخروج عن الفم بأن كان دون ملء الفم وأمكنه ضبطه لم يثبت له حكم الخروج، كما لم يثبت لبزاق يبتلعه حكم دخول من خارج، وأما إذا كان ملء الفم ولم يمكنه ضبطه ثبت له حكم الخروج، فتبين أنا إنما أدرنا الحكم على الخروج وعدم الخروج.
وأما الريح إنما انتفض الوضوء بخروجها لأنها انفصلت عن موضع النجاسة فلا يخلو من وجود أجزاء النجاسة فيها وإن كانت يسيرة.