واعترضوا بما قالوه على قولنا:((إنه ليس في أصله ولا في عينه ما يدل على نجاسته))، لأنه إن لم يكن في أصله وفي عينه ما يدل على نجاسته ففي حكمه ما يدل على نجاسته.
قالوا: وأما الاكتفاء بالفرك عند يبسه فإنما كان لدفع الحرج، وذلك لأن المني يكون حصوله في الغالب بين بنات الإنسان ويكثر ويتردد على العادات فإنه يوجد بالغشيان وهو يكثر بين الرجال والنساء، فلو أوجبنا الغسل أدى إلى الحرج بخلاف البول، فإنه يكون في المواضع المعتاد من الكنيف والمستراحات (وعلى أن المني شيء غليظ لزج فإنما يخف على ظاهر الثوب، ولا يدخل أجزأه فإذا فرك يزول معظمه، وإنما تبقى أجزاء يسيرة لا يعتد بها.
وأما في البدن فقد قال بعضهم: يطهر بالحت أيضاً وعلى التسليم قالوا: إن حرارة البدن تتشربه فلا يزول إلا بالغسل.
وقد تعلق بعضهم في الحكم بنجاسة المني بجريانه في الموضع وهو داخل القضيب) وقالوا: ((مائع جاري في مجرى البول فيكون نجساً كالمذي)).
وتعلقوا من الحكمة بالعلقة، وزعموا أنها أخت النطفة وقرينتها.
قالوا: وبهذا نعترض على قول من قال من مشايخكم: إن النطفة أصل الآدمي فيكون طاهراً كالتراب، فإن العلقة أصله أيضاً ومع ذلك هي نجسة. ثم قالوا: إن الأصل لنبي آدم ليس إلا التراب فإن الله تعالى قال: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَكُم مِّن تُرَابٍ}.