للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا ثبت نجاسة الميت فنقول: إن الموت إذا حل بالحيوان يحله بجميع أجزائه فكما أنه حي بجميع أجزائه وأعضائه وأبعاضه فكذلك إذا مات فهو ميت بجميع أجزائه وأبعاضه وهذا لأن الحيوان ذات تركيب مخصوص يستمد بقاءه من معنى مخصوص فما دام على تركيبه باستمداده فهو حي، فإذا فنى الاستمداد مات وخرب التركيب، وكل جزء من الحيوان له قوة الاستمداد وصفة البقاء وفيه الصلاح صفة الحياة وعند انقطاع الاستمداد واتصافه إلى الفناء والفساد فله صفة الممات.

وهذا ثابت لجميع أجزائه لا يختص بجزء دون جزء، فثبت أن الحياة ثابتة لجميع أجزائه ما دام حياً فإذا مات بجميع أجزائه ولئن تكلمنا في العظام فالكلام فيه أظهر نصاً ومعنى.

أما النص قوله تعالى: {وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحيِي العِظام وَهِيَ رَمِيم قُلْ يُحْييها الّذي أَنْشَأَها أَوّلَ مَرّةٍ ....}.

وأما المعنى فلأن قوام التركيب بالعظام أكثر من قوامه باللحم والذات حي بتركيبه فإذا كان اللحم محلاً للحياة فلئن يكون العظام محل الحياة أولى.

ونستدل من حيث الحكم بالخنزير فإن الإجماع انعقد على نجاسته بعظامه وشعوره، والاعتماد على ما سبق.

وأما حجتهم:

قالوا: الشعور والعظام ليست بمحل الحياة فلا يكون محل الموت، ودليل أنها ليست بمحل الحياة أنها لا تحس بشيء ما، بدليل أن الشعر يقطع فلا يحس الحيوان والعظم يبرد بالمبرد من القرن والسن وغيره فلا يحس به، ويستحيل وجود الحياة في محل لا حاسة له.

<<  <  ج: ص:  >  >>