للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ألا ترى أن المحرم إذا أخذ بيض الصيد ضمن الجزاء لأنه في حكم الحي. وعلى أن المذهب في البيض أنه إن كان غير متصلب فهو كاللبن ينجس وإن كان متصلباً فلا ينجس لأنه ليس بجزء متصل بالأصل بل هو شيء مخلوق في جوفه بمنزلة الولد فلم يعمل فيه موت الأصل، وليس كما لو جز الصوف أو قطع القرن حيث لا ينجس. لأن الجز من الشعر بمنزلة الذكاة شرعاً كما جعل موت السمك ذكاة شرعياً، وإنما كان كذلك، لأن الناس بحاجة إلى الشعور والأوبار، وفي تركها ضرر بالحيوانات فجعل الشرع أخذها بالجز بمنزلة الذكاة من جملة الحيوان نفعاً للعباد، وهذا المعنى لا يوجد في سائر الأعضاء فصارت إبانتها إماتة لها.

وأما الذي اعتمدوا عليه في هذه الطريقة من التعلق بعدم الحس وفقد التألم فإن استقام لهم هذا في الشعر فلا يستقيم لهم في العصب والعظم.

وقولهم: ((إن وجع الضرس وجع اللثة)).

فليس بشيء بدليل أن الضرس إذا قلع يسكن الوجع، دل أن الوجع كان له، وعلى إنه لا ينكر أحد حياة العظام في داخل البدن ومنكر هذا مثل منكر وجود الحياة في اللحوم والأعصاب.

وقد قال الأصحاب: إنه إن فقد الحس للشعر فإنما فقد أحد علامات الحياة، وقد وجدت علامة أخرى، وهو ما ذكرنا من النمو بحياة الحي فإذا كان فوات علامة بإخلاء علامة أخرى لم يدل على فقد الحياة مثل البصر للعين والسمع للأذن والنطق للسان، فإنه إن فقد البصر للعين وهو علامة حياة العين، ولكن وجدت علامة أخرى وهو السمع، والكلام بدون هذا الاستشهاد صحيح مقنع، وهذا الاستشهاد ضعيف على الأصل الذي أصلوه.

<<  <  ج: ص:  >  >>