يتبين ما ذكرنا أن الصلاة بالتيمم لا تجوز إلا بشرط عدم الماء فلا يجوز ثبوت العدم باشتباه الطاهر بالنجس، وإن كانا على السواء كما لو كان عنده ثوبان أحدهما طاهر والآخر نجس وحضرت الصلاة فإنه يصلي في أحدهما بالتحري ولا تجوز الصلاة إلا بازار لأن الصلاة عرياناً لا تجوز إلا بشرط عدم الثوب الطاهر فلم يثبت العدم باشتباه الطاهرة بالنجس وإن كان على السواء كذلك هاهنا، والاعتماد على الأول.
وأما حجتهم:
قالوا: التحري عمل بما يقع في القلب، والعمل بما يقع في القلب باطل لأنه قد يقع في القلب من قبل الله، وقد يقع من قبل الشيطان فلا يجوز الرجوع إليه وهذا حكمه.
قالوا: وأما القبلة فإما وجب الاجتهاد فيها، فإن للشرع دلائلاً منصوبة على القبلة فليس برجوع إلى مجرد ما يقع في القلب بل هو طلب القبلة بالدلائل المنصوبة عليها من قبل الله تعالى، وفي الثوبين إنما جاز التحري، لأن ستر العورة بالثوب النجس جائز في الجملة.
وعندنا: لو لم يجد إلا الثوب النجس وصلى فيه يجوز فلم يكن التحري رجوعاً إلى مجرد ما يقع في القلب بل استند الجواز إلى دليل شرعي، وهو جواز الصلاة في الثوب النجس إذا لم يجد غيره.
وأما هاهنا فإن التحري عمل بمجرد القلب ولم يرجع جوازه إلى دليل، وأما إذا كانت الغلبة للماء الطاهر فإنما جاز التحري، لأنه وجد دليلاً شرعياً يستند إليه وهو اعتبار الغلبة واعتبار الغلبة أصل عظيم في الشرع خصوصاً في المأكولات، والمشروبات بدليل المعاملات، فإن من يكون