للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

«احْتَجَّ آدمُ ومُوسى - عليه السلام -، فقال مُوسَى: يا آدمُ أنتَ الذي خَلَقَكَ اللهُ بِيَدِهِ، ونَفَخَ فيكَ من رُوحِهِ، فقال له قَولًا كَبيرًا لا أحفظه، أَغْوَيْتَ النَّاسَ، وأَخْرَجْتَهُم مِنَ الجنةِ، فقال آدمُ: يا موسى أنتَ الذي اصطفاكَ اللهُ برسالاتِهِ، وكَلَّمَكَ تَكْلِيمًا، تَلُومُنِي أَنْ أَعْمَلَ عَمَلاً قد كَتَبَهُ اللهُ عَلَيَّ قَبْلَ أنْ يَخْلُقَ السَّمَاواتِ والأرضَ، قال: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فَحَجَّ آدمُ مُوسَى» (١).

(١٤٤) حدثنا الأَصْبغُ بنُ الفَرَجِ المصري قال: أخبرني ابنُ وَهْبٍ، عن هشام بن سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبيه، عن عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

«إِنَّ موسى قال: يا رب! أَرِنَا آدمَ الذي أخْرَجَنا ونَفْسَهُ من الجنةِ، فأراه اللهُ آدمَ فقال: أنتَ أَبُونا آدم؟ فقال: نعم. قال: الذي نَفَخَ فِيكَ مِنْ روحه، وعَلَّمَكَ الأسماءَ كُلَّها، وأمر الملائكة، فسجدوا لك؟ قال: نعم. قال: فما حملك على أن أخرجتنا من الجنةِ ونَفْسَك؟ فقال له آدم: ومن أنت؟ قال: أنا موسى. قال أنت نَبِيُّ بَنِي إِسرائِيل؟ قال: نعم. قال: وأنت الذي كلَّمَكَ الله من وراء الحجاب لم يجعل بينك وبينه رسولا من خلقه؟ قال: نعم. قال: فهل وجدت في كتاب الله أن ذلك كان في كتابٍ قَبْلَ أن أُخْلَقَ؟ قال: بلى. قال فبم تَلُومُنِي؟ على شيءٍ سَبَقَ -من الله - عز وجل - القضاء فيه قَبْلُ (٢)، فقال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - عند ذلك: فَحَجَّ آدمُ موسى، صَلواتُ اللهِ عَلَيْهِما» (٣).


(١) صحيح، أخرجه الترمذي (٢١٣٤)، وأحمد (٩١٧٦)، والنسائي في الكبرى (١١٣٧٩)، وابن حبان (٦١٧٩)، وابن أبي عاصم في السنة (١٤٠)، وغيرهم، من طرق عن الأعمش، به، وهذا إسناد صحيح، رجاله ثقات.
(٢) كلمة «قبل» في مصادر التخريج «قبلي» والمثبت من الأصل، وهو صحيح.
(٣) إسناده حسن، أخرجه أبو داود (٤٧٠٢)، وأبو يعلى (٢٤٣)، وابن خزيمة في التوحيد= ... = (١/ ٣٤٦)، والبيهقي في الأسماء والصفات (٤٢٧)، وغيرهم، من طريق هشام بن سعد، به، وهذا إسناد رجاله ثقات غير هشام بن سعد، فهو صدوق، وقال الذهبي: حسن الحديث، ويشهد له ما مر آنفا من حديث أبي هريرة.

<<  <   >  >>