يَتَأَتَّى ذلك إلا بتعظيم هذا الإرث والتعامل معه بحذر شديد، وإفراغ الجهد في البحث عن أي إشكال يقابلنا أثناء التحقيق، ومحاولة توجيه النص بقدر الطاقة.
وهذا وللأسف البالغ أصبح أمرًا عزيزًا جدًا في هذه الأوقات، وأصبح تحقيق النصوص؛ مسخًا لها، بحيث إذا وجد المحقق! كلمة في النص الذي وَرِثَه من أسلافه لا يستطيع أن يفهمها، حذفها بسفاهة جرأته ووضع غيرها مكانها دون أن يَتَعنَّى في البحث عن هذه الكلمة ومحاولة توجيهها، وهذا لعمر الله من أقبح الخيانة.
وهذا ما حاولت أن أتلافاه في تحقيقي لهذا الكتاب العظيم في بابه، بقدر طاقتي، والله ولي التوفيق.
[توثيق نسبة الكتاب]
اشتهر هذا الكتاب جدًا بنسبته إلى مُصَنِّفِه مما لا يدع مجالا للشَّك في ذلك، وقد نقل منه كثير من العلماء ونسبوه لمصنفه، وعلى رأس هؤلاء الذين نقلوا منه؛ شيخُ الإِسلامِ ابن تيمية، فقد نَقَل منه فقرات كاملة تجد ذلك بوضوح في كتابه القيم «درء تعارض العقل والنقل»، وكذلك تلميذه ابن قيم الجوزية في كتابه «اجتماع الجيوش الإسلامية»، وأيضا الإمام الذهبي والذي قد انتقى من كتاب الرد على الجهمية جملة من أحاديثه رواها بإسناده إلى المصنف في كتابه «المنتقى من كتاب الرد على الجهمية» -وهو مطبوع-، وهذا على سبيل المثال، لا الحصر.