للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

بَشِيرٍ، عن قَتَادَةَ، «في قوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ} بالقُرآنِ {لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ (٤١)} أَعَزَّهُ اللهُ؛ لأنَّهُ كَلامُهُ {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ} [فصلت: ٤١ - ٤٢] وهُو إِبْلِيسُ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يَنْتَقِصَ مِنْهُ حقًّا، أو يَزِيدَ فِيِهِ بَاطِلاً» (١).

قال أبو سعيد رحمه الله: فَهَذِه الأحاديثُ قد رُوِيَتْ وأَكْثَرُ منها ما يُشْبِهُهَا، كُلُّهَا موافِقَةٌ لكتاب الله، في الإيمان بكلام الله، ولولا ما اخْتَرعَ هؤلاءِ الزَّائِغة من هذه الأُغْلُوطَاتِ والمعانِي، يَرُدُّونَ بها صِفَاتِ اللهِ، ويُبَدِّلُونَ بها كَلاَمَه؛ لكَانَ مَا ذَكَرَ اللهُ من ذلك في كتابه كَافِيًا لجميع الأمة، مَعَ أَنَّهُ كَمِلٌ (٢) شَافٍ، إلا لمتأولِ ضَلاَلٍ، أو مُتَّبِع رِيبَةٍ، فحين رَأَيْنَا ذلك أَلَّفْنَا هذه الآثار عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأصحابه، والتابعين مِنْ بَعْدِهِم؛ لِيَعْلَمَ مَنْ بَقِيَ مِنْ النَّاسِ أَنَّ [مَنْ] (٣) مَضَى مِنَ الأُمَّةِ لم يَزالوا يقولون في ذلك كما قال الله - عز وجل -، لا يَعْرِفُونَ له تَأْوِيلا غَيْرَ مَا يُتْلَى مِنْ ظاهره أنه كلامُ الرَّحمنِ تَبَارَك وتَعَالى، حتَّى نَبَغَ هؤلاءِ الذين اقتربوا (٤) لرد كتاب الله - عز وجل -، وتَعْطِيلِ كَلامِهِ وصفاته المقدسة بهذه


(١) هذا إسناد حسن، سعيد بن بشير، وإن كان تكلم فيه بعض أهل العلم، لكنا نعتمد ما نقله المصنف عن دحيم، حيث قال: «كان مشيختنا يقولون: هو ثقة، لم يكن قدريا»، وقال البخاري: «يتكلمون في حفظه، وهو يحتمل»، وقال ابن عدي: «الغالب على حديثه الاستقامة، والغالب عليه الصدق» وقال شعبة أيضا: صدوق، هذا وقد توبع؛ تابعه أوثق الناس في قتادة، ألا وهو سعيد بن أبي عروبة، كما أخرجه ابن جرير الطبري في التفسير (٢١/ ٤٧٩)، عن بشر بن معاذ العقدي، عن يزيد بن زريع، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة، به، وهذا إسناد حسن أيضا، بشر العقدي صدوق كما قال أبو حاتم الرازي.
(٢) كذا في الأصل.
(٣) ما بين معقوفين ليس في الأصل وكُتِب في الحاشية، وكُتِبَ فوقه لعله.
(٤) كذا في الأصل، والذي يبدوا لي أنها «افتروا» لاسيما وقد يظهر أن الناسخ قد ضرب على إحدى نقطتي القاف، وكذلك كلمة اقتربوا لا ألفيها ذات معنى جيد في هذا السياق، على عكس الكلمة التي نظنها، والله أعلم.

<<  <   >  >>