ادَّعَيْتُم، وإلا فَأَنْتُم المفَارِقُونَ لجماعةِ المسلمينَ قديمًا وحديثًا، الملحِدُونَ في آيات الله، المُفْتَرونَ على اللهِ، وعَلَى كِتَابِهِ، ورسولِهِ، ولَنْ تَأتُوا عن أَحدٍ مِنْهُم.
أَرَأَيْتُم قَوْلَكُم إنه مخلوق، فَمَا بَدْءُ خَلْقِهِ؟ قَالَ اللهُ لَهُ: كُنْ؛ فَكَانَ كلامًا قَائِمًا بنفسه بِلا مُتَكَلِّم به، فقد عَلِمَ النَّاسُ -إلا من شاء الله منهم- أن الله - عز وجل - لم يَخْلُقْ كَلامًا يُرَى ويُسْمَعُ بلا متكلم به، فَلابُد أن تقولوا في دعواكم: اللهُ المُتَكَلِّمُ بالقرآن، فَأَضَفْتُمُوهُ إلى الله، فهذا أَجْوَرُ الجَوْرِ، وأَكْذَبُ الكَذِبِ؛ أَنْ تُضِيفُوا كَلاَمَ المَخْلُوقِ إلى الخَالِقِ، ولو لم يَكُنْ كُفْرًا، كان كَذِبًا لا شك فيه، فكيف وهو كُفْرٌ لا شَكَّ فيه، لا يحقُّ لمخلوقٍ يُؤْمِنُ باللهِ واليومِ الآخِرِ أن يَدَّعِي الرُّبُوبِيَّةَ، ويدعو الخَلْقَ إلى عِبَادَتِهِ، فيقول {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي}[طه: ١٤]{إِنِّي أَنَا رَبُّكَ}[طه: ١٢]{وَأَنَا اخْتَرْتُكَ}[طه: ١٣] {وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي (٤١) اذْهَبْ أَنْتَ وَأَخُوكَ بِآيَاتِي وَلَا تَنِيَا فِي ذِكْرِي (٤٢)} [طه: ٤١ - ٤٢] {إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى (٤٦)} [طه: ٤٦] {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ (٥٦)} [الذاريات: ٥٦] {أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَابَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٦٠) وَأَنِ اعْبُدُونِي هَذَا صِرَاطٌ مُسْتَقِيمٌ (٦١)} [يس: ٦٠ - ٦١].
قَد عَلِمَ الخَلْقُ -إلا مَنْ أَضَلَّهُ الله- أنه لا حَقَّ لأَحَدٍ أن يَقولَ هذَا، وما أَشْبَهَهُ، غَيْرُ الخَالِقِ، بَلِ القَائِلُ بِهِ والدَّاعِي إِلَى عِبَادَتِهِ -غَيْرُ اللهِ- كَافِرٌ كَفِرْعَوْنَ، الذي قال: {أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (٢٤)} [النازعات: ٢٤] والمجيبُ لهُ، والمؤمِنُ بِدَعْوَاه، أَكْفَرُ وأَكْذَبُ.
وإن قُلتُم إنه تَكَلَّمَ بِهِ مخلوقٌ، فَأَضَفْنَاهُ إلى الله؛ لأنَّ الخَلْقَ كُلَّهُم بِصِفَاتِهِم وكلامهم لله، فهذا المُحَالُ الذي ليسَ ورَاءه محال، فَضْلاً على أن يكون كُفْرًا؛