قال أبو سعيد: وكَذلِكَ صار لأتباعه (١) الذين تَلَقَّفُوا منه هذه الكلمة، خِزي وتَبَاب في كُلِّ شيءٍ مِنْ أَمرِهِم.
ومما يُحْتَجُّ به أيضًا عليهم من كتاب الله - عز وجل -؛ قول الله - عز وجل -: {قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا (٨٨)} [الإسراء: ٨٨].
ففي هذا بَيَانٌ بَيِّنٌ أَنَّ القُرآنَ خَرجَ مِنَ الخَالِقِ، لا مِنَ المخلوقينَ، وأَنَّهُ كلامُ الخَالِقِ لا كَلامَ المخلوقينَ، ولو كانَ كلام المخلوقين ومنهم؛ لقدر المخلوقُ الآخَر أن يَأتِي بمثله، أو بأحسن منه؛ لأنه لم يتكلم مخلوقٌ بحقٍّ وباطلٍ من الشِّعرِ، أو الخُطَبِ، أو المواعِظِ، أو من كلام الحِكْمَةِ، أو غَيْرِ ذلك، إلا وقد أَتَى بمثلهِ أو بأحسن منه نُظَرَاؤُهُ ممَّنْ هُم في عصره، أو ممن بَعْدَهُ.
فهذا قد ثَبَّتَ اللهُ عليه الشَّهادة أنه لا يَأْتِي بمثله جِنٌّ ولا إِنْسٌ؛ لأنه منه،
(١) في الأصل «أتباعه» ولعل حرف اللام سقط من الناسخ، فبدونه لا أرى المعنى يستقيم.