للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الرَّحمنِ، عن عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -:

«أَفْضَلُكُم مَنْ تَعَلَّمَ القُرآنَ وَعَلَّمَهُ» (١).

قال أبو عبد الرحمن: «فَهَذَا الذِي أَجْلَسَنِي هذا المجلس، وَفَضْلُ القُرآنِ على سَائِر الكَلامِ؛ كَفَضْلِ الخَالِقِ عَلى المَخْلُوقِ، وذَلِكَ أَنَّهُ مِنْهُ» (٢).

قال أبو سعيد: ففي هذه الأحاديث بَيَانٌ أَنَّ القرآنَ غَيرُ مخلوق؛ لأنه ليس شَيءٌ مِنَ المَخْلُوقِينَ من التَّفَاوُتِ في فضل ما بينهما، كما بَيْن اللهِ وبَيْن خَلْقِهِ في الفضل؛ لأن فَضْلَ مَا بَيْن المخلوقين يُسْتَدْرَكُ، ولا يُسْتَدرَك فَضْلُ اللهِ على خلقه، ولا يحصيه أحد.


(١) صحيح، رواه علقمة بن مرثد، واختلف عنه؛ فرواه سفيان الثوري، والجراح بن الضحاك، وغيرهما، عن أبي عبد الرحمن، به، أخرجه البخاري (٥٠٢٨)، والترمذي (٢٩٠٨)، وابن ماجه (٢١٢)، وأحمد (٤٠٥)، وعبد الرزاق في مصنفه (٥٩٩٥)، والنسائي في الكبرى (٧٩٨٤)، وغيرهم، ورواه شعبة، وغيره عن علقمة بن مرثد، عن سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، به، أخرجه البخاري (٥٠٢٧)، وأبو داود (١٤٥٤)، والترمذي (٢٩٠٧)، وابن ماجه (٢١١)، وغيرهم، هكذا بزيادة سعد بن عبيدة في الإسناد، ورواية سفيان ومن تابعه، بدون ذكر سعد بن عبيدة هي الأرجح.
قال الترمذي في السنن عقب حديث (٢٩٠٨): «وقد زاد شعبة في إسناد هذا الحديث سعد بن عبيدة وكأن حديث سفيان أصح، قال علي بن عبد الله _يعني ابن المديني_: قال يحيى بن سعيد: ما أحد يعدل عندي شعبة وإذا خالفه سفيان أخذت بقول سفيان.
قال أبو عيسى: سمعت أبا عمار يذكر عن وكيع قال: قال شعبة: سفيان أحفظ منِّي وما حدثني سفيان عن أحد بشيء فسألته إلا وجدته كما حدثنِي».
وقد اعترض الدارقطني على إخراج البخاري هذا الحديث وذكر الاختلاف الواقع فيه، فرد عليه الحافظ في الفتح (١/ ٣٧٤) بكلام مفاده؛ أن هذا من قبيل المزيد في متصل الأسانيد، فيحتمل أن يكون علقمة سمعه مرة من سعد بن عبيدة، عن أبي عبد الرحمن، ثم لقي أبا عبد الرحمن بعد ذلك فسمعه منه مباشرة دون الواسطة.
(٢) هذا القدر الموقوف على أبي عبد الرحمن، أخرجه أحمد (٤١٢)، والطيالسي (٧٣)، وابن حبان (١١٨)، وغيرهم.

<<  <   >  >>