للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

هكذا، كَأَنَّه أَعْرَضَ، فقلتُ: أَلَيْسَ كلام اللهِ غير مخلوق؟ قال: نعم، ثم قُلْتُ لَه مَرةً أُخرى، فَقَالَ: نَعَم (١).

(١٨٦) حدثنا عبدُ اللهِ بنُ صَالِحٍ المِصْرِيُّ، حَدَّثَنَا يحْيَى بنُ أَيُّوبَ، عن عُبَيْدِ اللهِ بنِ أَبِي جَعْفَر، عَنْ رَجُلٍ مِنْ شُيُوخِ أَهْلِ مِصْرَ، أَنَّهُ حَدَّثَهُ عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عمرِو بنِ العَاص، عن رَسُولِ اللهِ - صلى الله عليه وسلم - أنَّه قال: «القُرآنُ أَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَ السَّماواتِ والأَرْضِ وَمَا فِيهِنَّ» (٢).

قال أبو سعيد: فهذا يُنْبِئُك أنه نَفْسَ كَلامِ اللهِ، وأنه غير مخلوق؛ لأن اللهَ - عز وجل - لم يَخْلُقْ كَلامًا إلا عَلَى لِسَانِ مخلوق، فلو كان القرآنُ مخلوقًا -كما يَزْعُم هؤلاءِ المُعَطِّلُون- كان إذًا مِنْ كلامِ المَخْلُوقِين، وكُلُّ هذهِ الرِّوايات والحكايات والشواهد والدلائل، قد جاءت وأكثر منها؛ في أنهُ غَيْرُ مخلوقٍ، ثم إِحَاطَةُ عِلْمِ العُلَمَاءِ وعقولِ العُقَلاءِ بِأَنَّ كلامَ الخَالِقِ لا يَكُونُ مخلوقًا أبدًا، إِذًا كان فِي دَعْوَاهُم قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ الكَلامَ مَنْقُوصًا مُضطرًا إِلَى الكلامِ، حتَّى خَلَقَهُ، وكَمُلَتْ رُبُوبِيَّتُهُ وتمَّتْ وَحْدَانِيَتُهُ بمخلوقٍ -في دعواهم-!!!

* * *


(١) روى هذه الحكاية عن الطوسي؛ عبد الله بن أحمد في كتاب السنة (٥١٣).
(٢) ضعيف، أخرجه الدارمي في سننه (٣٣٥٨)، عن عبد الله بن صالح المصري، به.
قلت: عبد الله بن صالح المصري كاتب الليث، ضعيف، وأيضا إبهام الراوي عن عبد الله بن عمرو، وقد أخرجه أبو الفضل الرازي في فضائل القرآن (ص ٩) من طريق يحيى بن أيوب الغافقي، عن واهب بن عبد الله المعافري، عن عبد الله بن عمرو، به، إلا أن إسناده ضعيف جدًا، فيه أبو الهيثم المدائني خالد بن القاسم، قال البخاري: «متروك تركه عَليٌّ والناس».

<<  <   >  >>