للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

آدم بنعمته ويستحيل أن [يقال] (١) في قول الله تبارك وتعالى: {بِيَدِكَ الْخَيْرُ}، بنعمتك الخير؛ لأن الخيرَ نَفْسَه، هو النِّعَمُ نَفْسُهَا، ومستحيلٌ أن يقال في قول الله - عز وجل -: {يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}؛ نعمةُ اللهِ فوق أيديهم، وإنما ذكرنا ها هنا اليد، مع ذكر الأيدي في المبايعة بالأيدي فقال: {إِنَّ الَّذِينَ يُبَايِعُونَكَ إِنَّمَا يُبَايِعُونَ اللَّهَ يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ فَمَنْ نَكَثَ فَإِنَّمَا يَنْكُثُ عَلَى نَفْسِهِ} [الفتح: ١٠]، ويستحيل أن يقال {يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ} [المائدة: ٦٤] نعمتاه، فكأن ليس له إلا نعمتان مبسوطتان، لا تُحْصَى نِعَمُهُ ولا تُسْتَدْرَك، فلذلك قلنا: إن هذا التأويل؛ محالٌ من الكَلامِ فضلاً أن يكون كفرًا.

ونكفرهم أيضا بالمشهور مِنْ كفرهم، أنهم لا يُثْبِتُونَ لله تبارك وتعالى وجهًا ولا سمعًا ولا بصرًا ولا عِلْمًا ولا كلامًا ولا صِفَةً، إلا بِتَأْويِلِ ضُلاَّلٍ افْتَضَحُوا وتَبَيَّنَتْ عَوَرَاتُهُم، يقولون: سمعُهُ، وبَصَرُهُ، وعِلْمُهُ، وكَلاَمُهُ؛ بمعنًى واحدٍ، وهو بنفسه في كل مكان، وفي كل بيت مغلق، وصُنْدُوقٍ مُقْفَل، قد أحاطتْ بِهِ -في دعواهُم- حِيطَانُها وَأَغْلاقُهَا وأَقْفَالهُا، فإِلَى اللهِ نَبْرَأُ مِن إلهٍ هِذِه صِفَتُهُ، وهَذَا أيضًا مَذْهَبٌ واضِحٌ في إِكْفَارِهِم.

ونُكَفِّرُهُم أيضًا؛ أنهم لا يدرون أين الله، ولا يصفونه بِأَيْنَ الله، واللهُ قد وصَفَ نَفْسَه بأين، ووصفه به الرَّسُولُ - صلى الله عليه وسلم -.

فقال: {الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى} [طه:٥] {وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ} [الأنعام:١٨] و {إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [آل عمران: ٥٥] و {يَخَافُونَ رَبَّهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ} [النحل:٥٠] {أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الْأَرْضَ} [الملك:١٦]،ونحو هذا، فهذا كُلُّه وصفٌ بِأَيْنَ.


(١) ما بين معقوفين زيادة ليست في الأصل اقتضاها السياق.

<<  <   >  >>