للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

(١٩٧) حدَّثَنا الزَّهْرانِي أَبُو الرَّبِيع قال: كَانَ مِنْ هَؤلاءِ الجهمية رَجَلٌ وَكَانَ الذي يَظْهَرُ مِنْ رَأْيِهِ التَّرَفُّضُ، وانتِحَالُ حُبِّ عَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ - رضي الله عنه -، فَقَال رَجَلٌ ممن يخَالِطُهُ ويَعْرِفُ مَذْهَبَهُ: قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكُم لا تَرْجِعُون إلى دِينِ الإسلامِ ولا تَعْتَقِدُونَهُ، فما الذي سَنَّنَكُم (١)

عَلَى التَّرَفُّضِ وانْتِحَالِ حُبِّ عَلِيٍّ؟ قَال: إذًا أَصْدُقُكَ، إِنَّا إِنْ أَظْهَرْنَا رَأْيَنَا الذي نعتقده؛ رُمِينَا بِالكُفْرِ والزندقة، وقد وجدنا أقوامًا ينتحلونَ حُبَّ عَلِيٍّ ويُظهِرونَه، ثم يَقَعُونَ بمن شَاءُوا، ويعتقدون ما شَاءوا، ويقولون ما شاءوا، فَنُسِبُوا بذلك إِلَى التَّرَفضِ والتَّشَيُّعِ، فلم نَر لمذهبنا أمرًا أَلْطَفَ مِنَ انتحَالِ حُبِّ هَذا الرَّجُل، ثم نقولُ ما شِئْنا، ونعتقدُ ما شئنا، ونَقَعُ بمن شِئْنا، فَلأَنْ يُقَالُ لنَا رَافِضَة أو شِيعَة أَحَبُ إِلينَا مِنْ أَن يُقال زَنَادِقة كُفَّار، ومَا عَلِيٌّ عندنا أَحْسَنَ حالاً مِن غَيرِهِ، ممن نَقَعُ بهم.

قال أبو سعيد رحمه الله: وصَدَقَ هَذَا الرجُلُ فيما عَبَّر عَنْ نَفسهِ، ولم يُرَاوِغ، وقد استبان ذلك من بعض كُبَرائِهِم وبُصَرائِهم أنهم يستَتِرونَ بالتَّشيُّع يجعلونه تَشْبِيثًا لكلامهم وخَبْطِهِم، وسُلَّمًا وذَرِيعَةً لاصطيادِ الضُّعفاءِ وأَهْلِ الغَفْلَةِ، ثم يَبْذُرُونَ بَيْن ظَهْرَانَي خُطَبِهِم بَذْرَ كُفْرِهِم وزندقَتِهم؛ لِيكونَ أَنجعُ في


(١) كذا بالأصل، وضبب فوقها، وهي كلمة صحيحة متوجهة في هذا السياق، ومعناها قواكم، وشهاكم، قال الزبيدي في تاج العروس «يقال: هذا مما يسنك على الطعام، أي يشحذك على أكله ويشهيه» ويراجع التاج (٣٥/ ٢٤١).
قلت: وقع في المطبوعة أمران ينبغي التنبيه عليهما، الأول: غَيَّر الكلمة إلى «حملكم» وهذا تدخل غير محمود، لاسيما والكلمة التي غيرها عربية فصيحة.

الثاني: قال «وفي الأصل فوق هذه الكلمة صح»، قلت: يقصد علامة التضبيب، وشكلها هكذا (صـ) فهذه ليست صح إنما هي ضبة ومعناه أن الناسخ يريد أن يقول: هي هكذا في الأصل الذي أنقل منه، وإن كانت غير واضحة له.

<<  <   >  >>