إن أفضل طريقة لاقت قبولا عند أهل العلم والمشتغلين بالتفسير، هي تفسير القرآن بالقرآن، فإن لم يوجد في القرآن ففي السّنّة، وإلا ففي أقوال الصحابة ثم التابعين.
وقد أورد ابن كثير - رحمه الله - في مقدمة تفسيره سؤالا، يعتبر الجواب عليه من أعظم أصول التفسير، قال: فإن قال قائل: فما أحسن طرق التفسير؟.
فالجواب: أن أصح الطرق في ذلك أن يفسر القرآن بالقرآن، فما أجمل في مكان فإنه قد بسط في موضع أخر، فإن أعياك ذلك فعليك بالسنة فإنها شارحة للقرآن وموضحة له، بل قد قال الإمام أبو عبد الله محمد بن إدريس الشافعي - رحمه الله -: كل ما حكم به رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فهو مما فهمه من القرآن، قال الله تعالى: إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْك الْكتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراك اللَّهُ ولا تَكنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيمًا (١٠٥)[النساء: ١٠٥].
وقال تعالى: وما أَنْزَلْنا عَلَيْك الْكتابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وهُديً ورَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (٦٤)[النحل: ٦٤] وقال تعالى: وأَنْزَلْنا إِلَيْك الذِّكرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ ما نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ولَعَلَّهُمْ يَتَفَكرُونَ (٤٤)[النحل: ٤٤].
ولهذا قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:«ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه» يعني السّنّة، والسّنّة تنزل عليه بالوحي كما ينزل القرآن، إلا أنها لا تتلي كما يتلي القرآن .. والغرض أنك تطلب تفسير القرآن فيه، فإن لم تجده ففي السّنّة، كما قال رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لمعاذ حين بعثه إلي اليمن: بم تحكم؟ قال: بكتاب الله، قال: فإن لم تجد؟ قال: فبسنّة رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قال: فإن لم تجد؟ قال: أجتهد