الحق أن أكثر من كتبوا في شروط المفسّر وآدابه خلطوا بين ما هو شرط في المفسر كآداب وأخلاق ونحوه، وما هو شرط في المفسر كناحية علمية لا بدّ من توفرها.
وفي هذا المبحث سوف نذكر أولا الشروط التي هي كآداب للمفسر ثم نذكر الشروط التي تتعلق به من الناحية العلمية.
الشروط التي لا بدّ من توفرها في المفسر كآداب:
الأول: صحة الاعتقاد:
فسلامة العقيدة أمر مهم بالنسبة للمفسر، لأنه لو تطرق إليه فساد في عقيدته لفسر القرآن حسب مذهبه واعتقاده الفاسد فيكون تفسيره ظاهر التكلف والبعد عما يحتمله اللفظ القرآني.
قال الإمام السيوطي - رحمه الله -: «اعلم أن من شرطه - أي المفسر - صحة الاعتقاد أولا، ولزوم سنة الدين فإن من كان مغموصا عليه في دينه - أي مطعونا - لا يؤتمن على الدنيا، فكيف على الدين؟ ثم لا يؤتمن في الدين على الإخبار عن عالم، فكيف يؤتمن في الإخبار عن أسرار الله تعالى؟، ولأنه لا يؤتمن إن كان متهما بالإلحاد أن يبغي الفتنة ويغرّ الناس بليّه وخداعه، كدأب الباطنية وغلاة الرافضة، وإن من كان متهما بهوى لا يؤمن أن يحمله هواه على ما يوافق بدعته كدأب القدرية - فإن أحدهم يصنف الكتاب في التفسير ومقصوده منه الإيضاح الساكت ليصدهم عن اتباع السلف ولزوم طريق الهدي»(١).