فاجنح لها} [الأنفال: ٦١] بظاهر هذه الآية احتج من أجاز (الصلح) لغير ضرورة.
وذكر أهل العلم أن صلحه -عليه السلام- عام الحديبية لم يكن لضرورة. وأجاز الأوزاعي أن يصالحوا على شيء يدفعه المسلمون، واحتج بأن النبي -عليه السلام- هدنهم على أن يعطي من ثمرة المدينة لبعض الأحزاب، فاختلفوا في قدر ذلك فلم ينفذ.
قوله:"ولا يكف عنهم إلا بأن يسلموا، أو يدخلوا في ذمتنا ويؤدوا الجزية في دارنا": وهذا كما ذكره، لأن المقصود بالمقاتلة أحد هذه الخصال، فلا يلحق القول في أداء الجزية، والمقصود من يجوز أخذ الجزية منه دون غيره، فالمقاتلة عامة بجميع الكفار، وأخذ الجزية خاص، وقد روى عن مالك أنه لا يجوز ابتداء الحبشة والترك بالقتال تعويلاً على قوله -عليه السلام-: (اتركوهم كما تركوكم، وذروا الحبشة كما وذرتكم). والحديث مشهور، وقد قال مالك: لم يزل الناس يتحامون غزوهم.
قوله:"وينبغي أن يدعوا قبل قتالهم": قلت: اختلف المذهب في وجوب الدعوة قبل القتال على خمسة أقوال: أحدها: إيجاب الدعوة مطلقًا. والثاني: أنها ليست بواجبة على الإطلاق. والثالث: أنها واجبة في حق من بعد داره. والرابع: أنها واجبة في حق الجيوش دون السرايا الصغيرة.