(كأن الثريا علقت في مصامها ... بأمراس كتان إلى صم جندل)
فما هذه الغفلة الشديدة؟ ! وهلا تأملت ما تقوله تأمل من يفكر في انتقاد المنتقدين واعتراض المعترضين؟
هذا الكلام فيه خطأ من وجهين: أحدهما: من جهة تنظير بيت المعري ببيت الكندي وغرض الشاعرين مختلف، وإن كان بين البيتين بعض المناسبة، لأن الكندي إنما أراد وصف طول الليل وثبات النجم، ولم يتعرض لذكر قطب ولا وصف قمر، والمعري لم يقصد في بيته إلى ذكر نجوم ولا وصف ليل، وإنما وصف قفرا مخوفا يفزع منه كل من يمر به من هوله. فعظم أمره بأن ذكر أن ثبات القطبين فيه ليس باختيار منهما وإنما هو من أجل أنهما فزعا من هول هذا القفز فوقفا وقفة حائر. ألا ترى أن قبله:
([خرق يطيل الجنح فيه سجوده ... وللأرض زي الراهب المتعبد)
(ولو نشدت نعشا هناك بناته ... لماتت ولم تسمع له صوت منشد)
(وتكتم فيه العاصفات نفوسها ... فلو عصفت بالنبت لم يتأود)