للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(الباب الثالث)

(في شرح قولهم إن في قدرة العقل الجزئي أن يتصور بصورة العقل الكلي)

هذا- أوضح الله لك الخفيات، وأعانك على فهم أسرار الموجودات- فرع لطيف تحته معنى شريف، ومرادهم بهذا أن الإنسان مهيأ بفطرته// إذا فاض عليه نور العقل فخرجت قوته الناطقة إلى الفعل لأن يتصور جميع الموجودات، فيتحصل في عقله الجزئي الصور التي في العقل الكلي؛ وذلك أن الباري- تعالى- لما أبدع العقل الكلي أفاض عليه صورة الأشياء التي شاء إيجادها دفعة أيضًا بلا زمان ولا حركة، وأفاضها العقل الكلي على النفس الكلية دفعة أيضًا بلا زمان، ووساطته حركة الفلك إذ لم تكن في قوة الهيولى أن تقبلها كلها دفعة، وإنما تقبلها على المعاقبة وخلق الله- تبارك وتعالى- الإنسان آخر المخلوقات، وجمع في خلقته جميع ما في العالم فصار، مختصرًا منه؛ ولذلك سمي العالم الأصغر.

وقيل: إنه مختصر من اللوح المحفوظ، وجعله حدًا بين عالم الحس وعالم العقل،

<<  <   >  >>