فمن أجل أنه جمع في خلقه جميع ما في العالم الأكبر صار مهيأ بفطرته الفاضلة مستعدًا بقوته العاقلة؛ لأن يتصور جميع ما في العالم الأكبر، وبيان ذلك أن مدركات الإنسان صنفان: محسوسات، ومعقولات، فالأشخاص هن محسوساته، وأنواعها وأجناسها ومبادئه هن معقولات، وله إدراكان، إدراك بالحس للأشياء المحسوسة، وإدراك بالعقل للأشياء المعقولات، لأن كل شيء إنما يدرك بشكله، فإدراكه المحسوسات يسمى كماله الأول وحياته الأولى، وإدراكه المعقولات يسمى كماله الثاني وحياته الأخرى، فإذا كان العالم كله صنفين: محسوس