عليكم تقدم العالم، وأنه لم يزل موجودًا معه، قلنا: لا يوجب ذلك؛ لأن الصفات في اللغة يوصف بها من فعل فيما مضى، ومن يفعل في الحال، ومن هو مريد أن يفعل في المستقبل، فيقال: إنه ضارب عمرو أمس وضارب عمرًا الآن، وضارب عمرًا غدًا، وهذا أشهر في اللغة العربية من أن يحتاج إلى شاهد.
الباب السادس
في شرح قولهم: إن الباري- تعالى- لا يعلم إلا نفسه
هذا القول- عصمنا الله وإياك من الزلل- قد أوهم كثيرًا من الناس أنهم أرادوا به غير عالم بغيره، واستعظم قوم منهم أن يصفوه بهذه الصفة، فزعموا أنه عالم بالكليات غير عالم بالجزئيات، وزعم آخرون أنه عالم بعلم الكليات والجزئيات بعلم كلي، وهذا القول الثالث أقرب أقوالهم إلى الحق، وإن كان فيه موضع للتعقب.
وأما القولان الآخران فقد اجتمع فيهما الخطأ الفاحش والجهل بصفات الباري-