الدهاء والكذب، و (درين) من در الشيء، يدر، إذا تتابع فأرادوا بتثنيته المبالغة في الدر، كقولهم: لبيك وسعديك ودواليك، فإعرابه على هذا القول أن (ده) أمر، و (درين) منصوب على المصدر المحمول على المعنى، وسعد اسم رجل، وهو منادى مفرد، و (القين) في هذا القول مرفوع على الصفة له كأنه قال: بالغ مبالغتين في الكذب يا سعد القين، ويجوز في هذا القول نصب (القين) على أن يكون صفة على الموضع، كما تقول: يا زيد الطويل والطويل، ويجب أن يكون (ده) على هذا الرأي مقلوبًا؛ لأن الدهاء معتل اللام، و (ده) لا يكون إلا معتل العين، فلا يستقيم أن يكون منه إلا على القلب.
وأما من رواه (دهدريه) - بالهاء- فيكون معناه إذا فصل (ده) من (دريه) بالغ في الكذب مبالغتيه يا سعد القين، أي المبالغتين المعروفتين للكذب، فالهاء في (دريه) عائدة على الكذب، وإن لم يتقدم له ذكر؛ لأن (ده) قد دل عليه، كما قالوا:(من كذب كان شرًا له) وتكون هذه التثنية يراد بها الجمع والترديد، ولا يراد بها حقيقة التثنية، كما قالوا:(لبيك)، ومن رواه متصلاً كان اسمًا للفعل على ما تقدم.
وأما من روى (دهدري سعد القين) فحذف النون من (دهدرين) وخفض (سعدًا) و (القين)، فليس على هذه الرواية اسمًا للفعل؛ لأن أسماء الأفعال لا تضاف كما لا تضاف الأفعال، وإنما هو مصدر مثنى أضيف إلى (سعد) والعامل فيه مضمر، كأنه قال: اكذب كذبتي سعد القين، و (سعد) اسم رجل، و (القين) صفة له، وحذف التنوين من (سعد) لالتقاء الساكنين على ما ذكرناه فيما تقدم.
وأما رواية ابن الأعرابي (دهدر بن سعد) فالأظهر في هذه الرواية أن يكون (دهدر) اسم رجل معروف بالكذب، فإذا كذب رجل شبه به، فقيل: (دهدر بن