هذا الذي قلنا جاز أن يخبر عن الضمير بقوله:(اثنتين).
وقد أجمع النحويون على أنه لا يجوز: إن الزيدين كانا اثنين؛ لأن ما تقدم من تثنية الضمير وزيد قد أفاد أنهما اثنان، فصار الخبر لغوًا لا فائدة فيه، وسبيل الخبر أن تكون فيه فائدة ليست في الاسم المخبر عنه، وإنما حسن في الآية لما ذكرناه من أنه كلام حمل على المعنى، ولم يتقدم لنا شيء يعود الضمير من (كانَتَا) إليه، فصار بمنزلة قول القائل: انظر من في الدار، فإن كان واحدًا فدعه، وإن كانا اثنين وكانوا أكثر فأخرجهم منها، فيحسن هذا في الموضع من حيث كانت التثنية معنوية لا لفظية، ولم يمتنع كما يمتنع قولك: إن الزيدين كانا اثنين من حيث كان الضمير يعود إلى تثنية لفظية.
وقد قال أبو علي الفارسي:«إنما جاز {فَإن كَانَتَا اثْنَتَيْنِ [النساء: ١٧٦] من حيث كان يفيد العدد مجردًا من الصغر والكبر»، وهذا كلام غير واضح، وما قدمناه أوضح، ويدل على استجازتهم في الأمور المعنوية ما لا يستجيزونه في اللفظ قول الله- تعالى-: {وَقَالُوا لَنْ يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلَّا مَنْ كَانَ هُودًا أَوْ نَصَارَى}[البقرة: ١١١] فجعل اسم (كان) مفردًا حملاً على لفظها، وخبرها جمعًا حملاً على معناها.
ولو حمل الاسم والخبر معًا على معناها// لقال: إلا من كان هودًا أو نصارى صارت هذه الآية العزيزة بمنزلة قول القائل: لا يدخل الدار إلا من كان غافلين، وهذه مسألة لم يجزها ابن السراج وجماعة من النحويين، قالوا لا يجوز إلا أن يحمل الاسم والخبر معًا على اللفظ، فيقال: إلا من كان غافلاً، ويحملا معًا على المعنى فيقال: إلا من كانوا غافلين، وقد جاء في كتاب الله- تعالى- بخلاف ما قالوا، هذا ما حصرني من جواب مسألتك، وبالله التوفيق، تمت المسألة والحمد لله.