المجسمة من أهل ملتنا قد اغتروا بظاهر قوله- عز وجل-: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} فحملهم الجهل بحقيقة معناه على أن زعموا أن ربهم نور ونسوا قوله عز من قائل: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ}[الشورى: ١١]، وقد كذبهم الله- تعالى- في دعواهم هذه لقوله في عقب الآية:{وَيَضْرِبُ اللَّهُ الْأَمْثَالَ لِلنَّاسِ وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}[النور: ٣٥]، فأخبرنا نصًا بأن جميع ما ذكره في الآية من النور، والمشكاة، والمصباح، والزجاجة، والشجرة والزيتونة أمثال مضروبة يعقلها عن الله- تعالى- من وفق لفهمها، وكشفت له الحجب عن مكنون// علمها، كما قال- تعالى-: {وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلَّا الْعَالِمُونَ}[العنكبوت: ٤٣] وبحق ما قيل: لو سكت من لا يعلم لسقط الخلاف.
وإنما معنى قول الله- تعالى-: {اللَّهُ نُورُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ}[النور: ٣٥] الله هادي السماوات والأرض، فشبه الهدى بالنور، كما شبه الكفر بالظلمات في قوله:{أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍّ}[النور: ٤٠] واختلفوا في الضمير من قوله: {مَثَلُ نُورِهِ}[النور: ٣٥] على من يعود؟ فذهب قوم إلى أنه يعود على الله [تعالى]، وذهب