للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والعلة الثانية: أنك إن جعلته حالاً من اسم (أن) لزم أن تعمل (أن) في الحال، و (أن) لا تعمل في الأحوال شيئًا ولا في الظروف، فإن قلت: قد قال النابغة:

( .................... ... كأنه خارجًا من جنب صفحته)

فنصب على الحال من اسم (كأن) وجعل العامل فيها ما في (كأن) من معنى التشبيه، فهلا أجزت مثل ذلك في (أن)؟ فالجواب: أن ذلك إنما يجوز- عند البصريين- في (كأن) و (ليت) و (لعل) خاصة؛ لأن هذه الأحرف الثلاثة أبطلت معنى الابتداء مما يدخل عليه، وأحدثت في الكلام معنى التمني، والترجي، والتشبيه، فأشبهت الأفعال.

فإن قيل: فـ (أن) المفتوحة تدخل على الجملة فيصير بها إلى تأويل المصدر، ألا ترى أنك تقول: بلغني أنك قائم، فيكون معناه: بلغني قيامك، فهلا أعملت في الحال ما فيها من تأويل المصدر؟ فالجواب: أن ذلك خطأ؛ لأن المصدر الذي تقدر به (أن) المفتوحة إنما ينسبك منها ومن صلتها التي هي اسمها وخبرها، فإذا جعلت (قائمًا) حالاً من اسم (كأن) داخلاً في صلتها فيلزمك من ذلك أنك تعمل الاسم في نفسه، وذلك محال، فلهذا الذي ذكرناه استحال أن ينتصب (قائمًا) على الحال من اسم (أن).

وأما امتناعه من أن يكون حالاً من الضمير المقدر في خبر التبرئة المحذوف فمن أجل أن المراد بالنفي العموم والاستغراق على ما قدمنا، فإذا جعلته حالاًَ من المضمر الذي في الخبر المحذوف صار التقدير: لا إله موجود في حال قيامه بالقسط إلا هو، فيصير النفي واقعًا على الآلهة القائمين بالقسط// وعلى غيرهم ويوهم هذا الكلام أن

<<  <   >  >>