للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليه مقصرًا في ثنائه وإن اجتهد، غير بالغ ما يستوجبه، وإن عظم ومجد.

وبيان ذلك أن المدح ثلاثة أنواع: إفراط، واقتصاد، وتقصي، فالإفراط أن يرفع المادح الممدوح إلى مرتبة أرفع من مرتبته ومنزلة أعلى من منزلته، والاقتصاد: ألا يتجاوز به مرتبته ولا يتخطى منزلته، والتقصير: أن يحطه عن مرتبته، ولا يوفيه حق منزلته، فالوجهان الأولان: محال في وصف الباري- تعالى- لأنه لا يمكن المادح أن يمدحه بما يستحقه ويستوجبه؛ لأن مرتبته مجهولة الكنه، لا تحيط بها العقول، وليس فوق مرتبته مرتبة أعلى منها فيرفع إلها؛ لأنه نهاية الأشياء وغايتها، فليس في مدح المادح له إفراط ولا اقتصاد، وكل مادح مقصر في مدحه، غير واصف له بالواجب من حقه لأن يصفه بصفات المعقول منها معان مخالفة لما هو عليه، فإذا قال: إنه حي، وإنه عالم، وإنه سميع، وإنه بصير، فإنما يصفه بصفات إن حملت على تعلقه بجزء منها لم يلق به- عز وجل- وأوجبت شبهه بالمخلوقات، تعالى عن ذلك، فلهذه العلة افترق الناس في وصفه- جل جلاله-

<<  <   >  >>