وهاتان جملتان قد اختلف لفظهما ومعناهما، فما اعترضوا به غير صحيح أيضًا، وهذا الذي قالوا يفسد عليهم من وجوه كثيرة لا من وجه واحد:
فأولها: أنا وجدنا كل من صنف كتابًا من العلماء مذ بدأ الناس في التصنيفات إلى زماننا هذا يصدرون كتبهم بأن يقولوا: الحمد الذي فعل كذا وكذا، ثم يقولون بإثر ذلك: وصلى الله على محمد، فيعطفون الصلاة على التحميد، ولا فرق بين عطفهما على التحميد وعطفهما على البسملة؛ لأن كلتا الجملتين خبر، وليس هذا مختصًا بكتب الضعفاء في العربية دون الأقوياء، ولا بكتب الجهال دون العلماء، بل كل ذلك موجود في كتب الأئمة المتقدمين والعلماء المبرزين، كالفارسي وأبي العباس المبرد والمازني وغيرهم، فلو لم يكن بأيدينا دليل ندفع به مذهب هؤلاء إلا هذا لكفانا من غيره، فتأمل خطبتي كتاب (الإيضاح) للفارسي، وصدر (الكامل) لأبي العباس المبرد، وصدر كتاب سيبويه وغير ذلك [من الكتب]، وتأمل خطب الخطباء وكلام الفصحاء فإنك تجدهم مطبقين على ما وصفته لك، فهذا وجه واضح يدل على فساد ما قالوه.
ومنها أن قولنا: وصلى الله على محمد بإثر البسملة، منصرف إلى معنى الخبر-