قال الفقيه النحوي أبو محمد عبد الله بن محمد بن السيد البطليوسي - رحمه الله -:
الحمد لله الذي من علينا بالهدى وأنعم، وعلمنا ما لم نكن نعلم، وصلى الله على محمد وآله وسلم: سألتني - أعزك الله بالتقوى، وجمع لك خير الآخرة والأولى - عما كثر فيه خوض الخائضين من أمر الاسم والمسمى، وقلت: كيف يصح أن أحدهما هو الآخر، وذلك محال في الظاهر، لأن العبارة غير المعبر عنه باتفاق؟ ولو صح أن يكون الاسم هو المسمى لوجب أن يروى من قال: ماء، ويشبع من قال: طعام، ويحترق من قال: نار، ويموت من قال: سم، كما قال ابن جدار:
هيهات يا أخت آل بم غلطت في الاسم والمسمى
لو كان هذا وقيل: سم مات - إذن - من يقول: سما
ولعمري! لقد جرت في القضية، وملت مع العصبية، فإني لا أعلم أحدا من أصحابنا قال: إن العبارة هي المعبر عنه، فيلزم من قولهم ما أردت أن تقول. وإنما قالوا: إن الاسم هو المسمى على وجه غير الوجه الذي ذهبت إليه، حسب ما تراه من كتابنا هذا وتقف عليه.
وقد تأملت القولين على شدة ما بينهما من التباين والتنافر، فوجدت كل واحد منهما [يصح] من وجه غير الوجه الذي يصح منه الآخر، وقسمت الكلام في ذلك على أربعة أبواب:
الأول منها: أذكر فيه كيف يكون الاسم غير المسمى. والثاني: أذكر فيه كيف يكون الاسم هو المسمى. والثالث: أذكر فيه كيف يكون المسمى هو التسمية.