لها: ما منعك من القيام طول المدة المذكورة، وقد عاينت تصرف إخوتك بالبيع وغير ذلك؟ فقالت: ما منعنى من القيام إلا ظنى أن الصدقة التي عقدت تلزمنى، والآن قيل لى لا تلزمك، فهل تعذر فيما أدعت بالجهل وتصدق في دعواها أم لا؟ /٤٦ - ب أجاب بأن قال: القول قول القائمة المذكورة أن سكوتها المدة المذكورة عن طلب حقها إنما كان، لأنها لم تعلم أن هبة البكر المهملة غير لازمة لها إلى يوم القيامة، أو إلى ما تعد فيه من الزمان من وقت علمها بالحكم إلى وقت قيامها مجيزة لهبتها، مع يمينها، في مقطع الحق، لأن ما أدعت الجهل فيه مما يجهله العوام غالبًا ولا يعرفه إلا أهل الفقه، وعادتهم أن من أدعى الجهل فيه مما يجهله أبناء جنسه فالقول قوله فى جهله، والنصوص على هذا المعنى كثيرة.
ففى كتاب محمد عن أشهب عن مالك في امرأة أوصت بوصية لبعض ورثتها فقال زوجها "كنت" كاتب الصحيفة وما علمت أنه لا وصية لوارث فقال مالك: إذا حلفت أنك ما علمت لم يلزمك ذلك، على أن الحكم في الوصية للوارث أشهر إذ لا خلاف أنها موقوفة على إجازة الورثة، وصنيع البكر البالغ المهملة إنما يرد على المشهور، وإلا فغير ابن القاسم يمضيه، والضابط لهذا المعنى هو ما تقدم انتهى.
ولما ذكر صاحب إيضاح المسالك، فى نوازله هذا الضابط الذى ذكره أبو الحسن (فى العذر) بالجهل وذكر أثره ضابط ابن رشد السابق، قال: فتأمله مع ضابط الشيخ المجيب.
قلت: ومن هذا القبيل لو قال الوارث بعد أن أجاز الوصية للوارث، أو بزائد الثلث فى حال تلزمه إجازتها، لم اعلم أن لى رد الوصية، فإن كان مثله يجهل حلف ولم يلزمه.