الخلاف بين مالك وابن حبيب فى دعوى المبتاع الجهل بالعيب الظاهر، فمالك قبل دعوى المبتاع بيمين، وابن حبيب والموثقون لم يقبلوها إذا كان العيب فى موضع ظاهر لا يخفى غالبا.
قال فى إيضاح المسالك: تنبيه: قال القرافى: هذا ليس على إطلاقه بل أجمعت الأمة على اعتبار الأصل وإلغاء الغالب فى دعوى الدين ونحوه، فإن القول قول المدعى عليه وإن كان الطالب أصلح الناس وأتقاهم لله، ومن الغالب عليه أن لا يدعى إلا ماله، فهذا الغالب ملغى إجماعا.
واتفق الناس على تقديم الغالب وإلغاء الأصل فى البينة إذا شهدت، فإن الغالب صدقها، والأصل براءة ذمة المشهود عليه، وألغى الأصل هاهنا بالإجماع عكس الأول، فليس الخلاف على الإطلاق انتهى.
وأجاب الإمام أبو عبد البقورى فى اختصار الفروق وترتيبها بقوله: إنما ألغى الغالب الذى هو صدق البر التقى لما قلناه: من أن القلوب بيد الله يقلبها كيف شاء فليس هذا الغالب بمعتبر أصلا كما قلنا فى الذى قبله وكلام الفقهاء فى الغالب الذى لا يطرقه مثل هذا كجلد قران ودباغ الغالب أنه للدباغ، وما قاله فى البينة إذا شهدت فإن الغالب صدقها ليس هذا من ترجيح الغالب على الأصل، بل من باب العمل بالخبر الذى لا يصح خلافه وهو قوله عليه السلام:"شاهداك أو يمينه" انتهى.
والذى قاله فى الذى قبله هو ما ذكرناه عنه فى قاعدة المدعى والمدعى/ ١٦٠ - أعليه من قوله: الظواهر التى ذكرناها جلية بينة غير خاف قبولها وما نقضت به من دعوى البر التقى على الفاسق لطروق الشك فى هذا الظاهر، فإن القلوب بيد الله يقلبها كيف شاء فيكون تقيا الزمن