وكتعمير (المفقود) إلى سبعين سنة فإن الموت فى الشبان أكثر إذا لو كان الشبان يعيشون لصاروا شيوخا فيكثر الشيوخ لكنهم فى الوجود أقل، ومع ذلك فقد شرع صاحب الشرع التعمير إلغاء لحكم الغالب وإثباتا لحكم النادر لطفا بالعباد.
وكندب الشره للنكاح رجاء أن يخرج رجل صالح مسلم بين الزوجين والغالب الجهل بالله، واقدام على المعاصى، ومقتضى هذا الغالب أن ينهى عن النكاح لا سيما على مذهب من يكفر المقلد، ولكنه حكم بالنادر وغلب على الغالب ونظائر هذا كثيرة: فينبغى لمن قصد إثبات حكم النادر دون الغالب أن ينظر هل ذلك الغالب مما ألغاه الشرع أم لا؟ وحينئذ يعتمد عليه، وأما مطلق الغالب كيف كان فى جميع صوره فخلاف الإجماع، ومع هذا كله فالأصل اعتبار الغالب وإلغاء النادر، فالفرد المتردد بينهما على الغالب يحمل، لكن شرطه على ما ذكره الشهاب أن يكون ذلك الفرد من جنس الغالب وإلا فلا يحمل على الغالب، فالعام الذى لا قرينة على تخصيصه يحمل على عمومه وإن كان التخصيص فى العام أكثر حتى روى عن ابن عباس رضى الله عنهما ما من عام إلا وقد تخصص إلا قوله تعالى:{والله بكل شئ عليم}.
وهذا لأنا لم نقض على عام بأنه مخصوص بمجرد كونه لفظا عاما بل لأجل اقترانه/ ١٦٥ - ب بالقرينة الصارفة عن العموم للتخصيص، وهذا اللفظ الوارد ابتداء ليس معه مخصص صارف عن العموم فهو حينئذ ليس من جنس ذلك الغالب فلو حملناه على الخصوص لحملناه على غير غالب فإنه لم يوجد لفظ عام حمل على الخصوص من حيث كونه كذلك ألبتة فضلا عن كونه غالبا بل هذا اللفظ قاعدة مستقلة بنفسها ليس فيها غالب ونادر بل شئ واحد وهو العموم مطلقا، فتأمل.
ولم يذكر المؤلف القسم الثانى من إلغاء الغالب وهو ما ألغى فيه الغالب والنادر معا وذكر الشهاب عنه عشرين مثالا أيضا:
الأول: شهادة الصبيان فى الأموال إذا كثر عددهم جدا الغالب صدقهم، والنادر كذبهم ولم يعتبر الشارع صدقهم، ولا قضى بكذبهم، بل أهملهم رحمة بالمدعى عليه بخلاف القتل