قال: حدث سؤال أفتيت فيه وجميع من يستفتى بالمهدية بجواب واحد، وعلى أن ما خالفه باطل فاسد، فظن بعض من نشأ ممن ينسب للفقه أنه خفى شأنه وأخمله زمانه مكنونه وكشفه.
وهو: أن بعض القضاة أنفذ كتابا لقاض، ذكر فيه: وثبت لدى أن فلانا وفلانا اشتريا من فلان في عقد واحد كذا وكذا سهما بثمن سماه، ثم ذكر بعد ذكر هذا وما يتعلق به فسألنى الحامل لهذا الكتاب إنهاء جميع ذلك للقاضى ليفعل فيه موجبه، فاتفق رأى الجماعة الذين استرشدوا فيه/ ١٧٢ - ب على أنه لا يوجب نقل ملك البائع فتتعلق به الأحكام التابعة لنقل الملك من الشفعة وغيرها، وعن تعلق الشفعة وقع الكلام، والدليل أن هذا الكتاب لا يوجب على الشريك أخذا للشفعة أو تركها أنها لا تجب إلا بعد انتقال الملك، لأن بيع الخيار لا تجب فيه الشفعة ما لم يبت، والملك قد انتقل فيه على أحد القولين عندنا، والملك لا يثبت انتقاله إلا إذا اعترف بع المتعاقدان، أو حكم به عليهما عند الإنكار، وهذا الكتاب لم يذكر فيه اعتراف البائع بالبيع، ولا صرح من بعثه بأنه حكم بالبيع وقضى به، بل أورد لفظا محتملا للحكم ولما سواه، ولا تلزم القضايا والأحكام بلفظ فيه إشكال وإيهام، وهذا مما لا يختلف فيه أحد من ذوى الأفهام، واللفظ الذي أشرنا إليه بالاحتمال هو قول القاضى: وثبت عندى أن فلانا اشترى من فلان، وقوله: ثبت عندى لفظ يتردد بين ثبوت حكم وقضية، وبين استماع لما أثبته من بينة زكية دون إيقاع حكم، وأبرام قضية فإن تعسف متعسف ورأى أن الثبوت نص في القضايا والأحكام، قيل له: انما يتحاكم في هذا لأهل اللسان، وأرباب البيان، ووجدنا أهل اللسان يقولون ثبت عندنا موت الخليفة وخصب أرض كذا، وثبت عدنا ظلم فلان وعداوته إلى غير ذلك مما علموه بالخبر عنه وتلقوه بالقبول من أفواه العدول مما لا يصح أن ينتصب له الحكام وتطلب فيه القضايا والأحكام، وجملة الأمر أن المعنى بالثبوت لغة حصول الأمر وتحققه ولهذا حد بعض المتكلمين العلم بأنه إثبات المعلوم على ما هو به، وإن كان هذا الحد مرغوبا عندنا والروايات مسطورة بصحة ما قلناه.