أي يعلم فرض الكفاية أو يبصر في هذه المواضع، وقصد بهذا الكلام حصر فرض الكفاية بالعدد كما حصرها بالضابط.
الأول: زيارة الكعبة كل سنة فهي فرض كفاية فلا يجوز أن يترك الناس كلهم زيارتها في عام من الأعوام إلا من عذر لا يستطيعون معه الوصول إليها نعوذ بالله من ذلك.
الثاني: الجهاد هو واجب على الكفاية لأن مصلحته تحصل بالبعض ففرض على الإمام إغراء العدو في كل سنة مرة يخرج بها هو أو من يثق به، وفرض على الناس في أموالهم وأنفسهم الخروج المذكور، لا خروجهم كافة، والنافلة منه إخراج طائفة بعد أخرى وبعث السرايا وقت الغرة والفرصة.
الثالث: القيام بالعلوم الشرعية قال الله تعالى: {فلولا نفر من كل فرقة منهم طائفة ..} الآية، وعن الشافعي العلم قسمان فرض عين وفرض كفاية ففرض العين علمك بحالتك التي أنت فيها، وفرض الكفاية ما عدا ذلك ومثل هذا في الرسالة قال: وكذلك طلب العلم فريضة عامة يحملها من قام بها إلا ما يلزم الرجل في خاصة نفسه وانظر الفرق الثالث والتسعين.
القرافي- رحمه الله-: العلم وضبط الشريعة وإن كان فرض كفاية غير أنه يتعين له طائفة من الناس، وهي من جاد حفظهم وراق فهمهم وحسنت سيرتهم وطابت سريرتهم فهؤلاء هم الذين يتعين/ ٢١٦ - أعليهم الاشتغال بالعلم فإن عديم الحفظ أو قليله أو سيء الفهم لا يصح لضبط الشريعة المحمدية، وكذلك من ساءت سريرته لا يحصل به الوثوق للعامة فلا تصح به مصلحة التقليد فتضيع أحوال الناس.
الرابع: تحمل الشهادة وكان فرضا لأنه لو تركه الناس كلهم أدى إلى اتلاف الحقوق وكان على الكفاية لأن الفرض يحصل بالبعض، وإذا كان على الكفاية فيتعين في حق من انفراد كما في سائر فروض الكفاية.