للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

حتى ذكر الرجل يطيل السفر أشعث أغبر إلى آخره. وفيه أمران: أحدهما: قوله: "يمد يديه" إلى السماء يدل على أن من أدب الدعاء رفع اليدين إلى السماء، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرفع يديه في الاستسقاء حتى يرى بياض إبطيه، أو كما روى أنس (١). وجاء في الحديث "إن الله عزَّ وجلَّ حيي كريم يستحي من عبده أن يرفع إليه كفيه ثم يردهما صفرا " (٢).

والثاني: أن تناول الحلال في المطعم والمشرب والملبس ونشوء الجسد على الغداء الحلال -وبالجملة اجتناب الحرام من كل شيء- شرط في إحابة الدعاء، وأن تناول الحرام مانع منه لقوله: "فأنى يستجاب لذلك" ووجه ذلك أن مبدأ إرادة الدعاء القلب، ثم تفيض تلك الإرادة على اللسان فينطق به، والقلب يفسد بتناول الحرام، وهو مدرك بالنظر والوحدان، وإذا أفسد القلب فسد الجسد وجوارحه، والدعاء نتيجة الجسد الفاسد، ونتيجة الفاسد فاسدة، فالدعاء فاسد، والفاسد ليس بطيب، والله عزَّ وجلَّ لا يقبل إلا الطيب، فالله عزَّ وجلَّ لا يقبل دعاء من أكل الحرام وغذي به.

وللدعاء آداب وشروط أخر ذكرها القرافي (٣) وغيره في كتاب الدعاء.


(١) رواه البخاري ١/ ٣٤٩ ومسلم ٢/ ٦١٢ من حديث أنس.
(٢) رواه أبو داود ٢/ ١٦٥ والترمذي ٥/ ٥٥٧ وابن ماجه ٢/ ١٢٧١ من حديث سلمان. قال الترمذي: هذا حديث حسن غريب.
(٣) لعله شهاب الدين أبو العباس أحمد بن أبي العلاء إدريس الصنهاجي القرافي المصري ت ٦٨٤ هـ صاحب الذخيرة فإن له كتابًا في الأدعية (المنجيات والموبقات في الأدعية وما يجوز منها وما يكره وما يحرم) له نسخة في مكتبة البلدية بالأسكندرية رقم (١٦) فقه مالكي.