للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

أحدهما: أن معناه أنَّه حسن بإسناد صحيح بإسناد آخر، وما ذكرناه (أ) من قوله: حسن صحيح غريب يبطل هذا الجواب.

والثاني: أن قوله: حسن، يريد به الحسن اللغوي، وهو ما يوافق القلب، وتهواه النفس وهو باطل بأنَّ الترمذي فسَّر الحسن بغير ذلك وهو ما ذكرناه، وبأن من أحاديثه (ب) ما ليس حسنا باعتبار اللغة نحو "من نوقش الحساب عذب" (١) وأشباهه من نصوص الوعيد فإنها لا توافق القلب ولا تهواها النفس، بل تجد منها كربا وألما من الخوف.

والصواب في ذلك ما أشار إليه بعض العلماء، وهو أن الحسن قسم من الصحيح، لكن ليس قسيمه (٢).


(أ) في ب وما ذكرته.
(ب) في س حديثه.
(١) رواه البخاري ١/ ٥١ ومسلم ٤/ ٢٢٠٤ من حديث عائشة.
(٢) وقد ظهر لي معنى جديد لقول الترمذي "حسن صحيح" لم يذكره العلماء، واستفدته من مشايخي. وهو أن الترمذي يقصد به أعلى درجة من الصحة، فيكون قوله "حسن" مزيد تأكيد لمعنى "صحيح" ويكون حكمه على الحديث بـ "حسن صحيح" أقوى مرتبة من مجرد "صحيح" و "حسن".
ومما يؤيد هذا المفهوم أن الترمذي يطلق هذا الحكم عادة على الأحاديث التي أخرجها البخاري ومسلم، ولا يكتفي بقوله "صحيح" فيها إلَّا نادرًا، ويظهر ذلك بمراجعة "تحفة الأشراف" ورموزه للصحيحين والترمذي، حيث نجد أن أغلب الأحاديث المتفق عليها يحكم عليها الترمذي بقوله "حسن صحيح". وبهذا يبطل قول من يجعل "حسن صحيح" أدنى مرتبة من "صحيح"، ومن يفهم منه التردد ويقدّر (أو)، ومن يفهم منه الجمع بين حكمين بالنظر إلى إسنادين ويقدّر (و). هذه خلاصة ما توصلت إليه، وللتفصيل مقام آخر. عزير.