للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الثالث: أن المراد بالإيمان الصلاة، والطهور شرط لصحتها فصار كالشطر.

قلت: يشهد لهذا قوله عَزَّ وَجَلَّ {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ} [سورة البقرة: ١٤٣] أي: صلاتكم (أ) إلى بيت المقدس قبل أن تفرض الصلاة إلى الكعبة وتحت هذا كلام طويل ليس هذا محله.

قال المصنف: وقيل: معناه غير ذلك.

قلت: الإيمان شرط لصحة الصلاة باطن، والطهور شرط لها ظاهر، فاقتسماها بالشرطية أشبه افتِسَامَهُمَا لها بالشَّطريَّة.

قوله: "والحمد لله تملأ الميزان" أي: ثوابها يملأ الميزان خيرًا، ولعل السبب المناسب لذلك أن اللام في الحمد لله للاستغراق، وجنس الحمد الَّذي يجب لله عزَّ وجلَّ ويستحقه يملأ الميزان فكذا ثوابه.

وهذا الحديث ظاهر في ثبوت الميزان في المعاد حقيقة خلافًا للمعتزلة أو بعضهم إذ قالوا: إن الميزان الوارد ذكره في الكتاب والسنة كناية عن إقامة العدل في الحساب، لا أنَّه ميزان حقيقة ذو كفَّتين ولسان، كما يقال: يد فلان ميزان، والظواهر (ب) في إثبات كونه حقيقة مع أهل السنة. وقد قيل للنبي - صلى الله عليه وسلم -: أين نجدك يا رسول الله في القيامة؟ قال: "عند الحوض أو الصراط أو الميزان" (١) وهو كما تراه ظاهر فيما ذكرناه.


(أ) في م صلواتكم.
(ب) في م والظاهر.
(١) رواه الترمذي ٤/ ٦٢٢ من حديث أنس. وقال: هذا حديث حسن غريب.