أحدها: أن الصلاة تمنع من المعاصي، وتنهى عن الفحشاء، وتهدي إلى الصواب، فهي نور بهذا الاعتبار.
والثاني: أن ثوابها يكون نورًا لصاحبها يوم القيامة.
الثالث: أنها سبب في استنارة القلب.
قلت: الأقوال الثلاثة صحيحة، ويجوز أن يكون جميعها مرادة.
قوله:"والصدقة برهان" ذكر المصنف فيه قولين:
أحدهما: أنها حجة لصاحبها في أداء حق المال.
الثاني: أنها حجة في إيمان صاحبها لأن المنافق لا يفعلها غالبًا.
قلت: البرهان هو الحجة المركبة من مقدمات قاطعة (١)، وهو حاصل هاهنا فإنه يقال مثلًا: فلان يؤدي الزكاة، وكل من أدى الزكاة فقد أدَّى حقَّ المال، ففلان أدَّى حقَّ المال، أو يقال: فلان أدَّى الزكاة طيبة بها نفسه، وكل من أدَّى الزكاة طيبة بها نفسه فهو مؤمن، ففلان مؤمن.
قوله:"والصبر ضياء" قال الشيخ أي: الصبر المحبوب، وهو الصبر على طاعة الله تعالى، والبلاءِ ومكارهِ الدنيا، وعن المعاصي، ومعناه لا يزال صاحبه مستضيئا مستمرا على الصواب.
(١) هذا تعريف المناطقة للبرهان، ولم يرد في الكتاب والسنة بهذا المعنى، فلا حاجة إلى صياغة مقدمات -على طريقة المناطقة- توصل إلى النتيجة. وانظر ردّ شيخ الإسلام ابن تيمية عليهم في كتابه الفذ "الردّ على المنطقيين" ص ٢٥٠، حيث ذكر أن الدليل أو البرهان هو المرشد إلى المطلوب والموصل إلى المقصود، وقد يكون مقدمة واحدة متى عُلِمَتْ عُلِم المطلوب، وقد يحتاج المستدل إلى مقدمتين أو أكثر، وليس لذلك حدّ مقدّر يتساوى فيه جميع الناس في جميع المطالب. عزير.