للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أفضل من أداء فرض العين لهذا المعنى، وحقيقة الصدقة أو شبيه بها جدًّا موجودة فيه لكونه ينتفع به باقى الناس بأداء الفرض عنهم.

فإن قيل: لم أتى بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مُنَكَّرًا (١)، فقال: وأمر ونهي ولم يقل: والأمر والنهي؟

قلنا: لأن التنكير أبلغ في المقصود إذ يقتضي أن كل فرد من أفراد الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صدقة، ولو عَرَّفَ لاقتضى أن جنس الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صدقة، ولا يلزم أن كل فرد منه صدقة، لأن اللام للاستغراق.

البحث الخامس: قوله: "وفي بضع أحدكم صدقة".

قال الشيخ رحمه الله: إذا نوى به العبادة، وهو قضاءُ حق الزوجة وطلبُ ولدٍ صالح وإعفافُ النفس وكَفُّها عن المحارم.

قلت: ظاهر الحديث يقتضي أن الوطء صدقة وإن لم ينو به شيئًا، كما أنَّه لو زنى لأثم وإن لم ينو شيئًا، وإنما هذا أشار النبي - صلى الله عليه وسلم - بقياس العكس الَّذي ذكره حيث قال: "أرأيتم لو وضعها في حرام" إلى آخره، وإذا ثبت ذلك فهو يشير إلى شبيه بما قاله الكعبي (٢) من أن المباح مأمور به، لأن كل مباح تركه حرام، وترك الحرام مأمور به، فَكُلُّ مباح مأمور به، وعليه


(١) نص الحديث: "وأمر بالمعروف ونهي عن منكر".
(٢) هو شيخ المعتزلة أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمود البلخي المعروف بالكعبي، من نظراء أبي علي الجبائي ت ٣٢٩. سير أعلام النبلاء ١٤/ ٣١٣.