أذاهما. فاعرف هذه القاعدة فإنه لا يخرج عنها شيء من الكلام.
قوله:"كل بدعة ضلالة" أي: كل بدعة لا يساعدها دليل الشرع ضلالة؛ لأن الحق فيما جاء به الشرع، فما لا يرجع إليه بوجه يكون ضلالة، إذ ليس بعد الحق إلا الضلال.
واعلم أن كل حكم فإما أن يجيزه الشرع، أو يمنعه وحكمهما واضح، أو مجيزه ويمنعه معًا فآخرهما ناسخ للأول، أو لا يرد عن الشرع إجازته ولا منعه ولا يمكن رَدَّهُ إليه بوجه فهذا يرجع فيه إلى المصلحة السياسية فما وافقها منه أخذ، وما لم يوافقها ترك.
وفي بعض روايات هذا الحديث "فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار"(١) وهو قياس مركب متصل من الشكل الأول، ينتج أن كل محدثة في النار، يعني صاحبها من فاعل ومتبع. والله عز وجل أعلم بالصواب.
(١) ليست هذه الرواية في حديث العرباض بن سارية، وإنما هي رواية في حديث جابر بن عبد الله، أخرجها النسائي ٣/ ١٨٨ والبيهقي في الأسماء والصفات ٨٢ وسندها صحيح.